قاتَلَ اللهُ الطمع!!
لها أون لاين
قاتَلَ اللهُ الطمع!!
يحكى أن رجلا كان يملك أرضا شاسعة من الأرض الخصبة المزروعة، و قد جاء عليه يوم، قرر فيه أن يمنح أي جزء من أرضه، بلا مقابل، لصاحب النصيب. وكان صاحب الأرض قد أعلن أنه سوف يعطي هذا الجزء هدية، للفارس الذي يستطيع أن يركب حصانا، ثم يقطع أي مساحة من أول نقطة فيها، إلى أي نقطة أخرى في أعماقها، بشرط واحد، بل وحيد، هو أن يعود الفارس إلى نقطة البدء، قبل أن يغيب قرص الشمس، عند المغيب، وقد جاء أحدهم، وقال إنه لها، وإنه سوف يحصد الأرض كلها، وليس مجرد جزء منها، هدية خالصة له، في نهاية اليوم، ولذلك فقد ركب حصانه، وانطلق، بعد أن راح صاحب الهدية يتطلع إليه مبتسما، وربما مشفقا، ولسان حاله يقول: سوف نرى!
وكان الفارس، بعد انطلاقه، كلما تأمل امتداد الأفق أمامه، غاص في الأعماق أكثر، وأكثر، على أمل أن يحوز على المساحة الأكبر من الأرض، وكان يلهب ظهر الحصان، بالسوط، لأنه كان يعرف مسبقا، أن أي مساحة يقطعها ذهابا وإيابا، قبل مغيب الشمس، سوف تكون ملكية خالصة له.
وكانت إحدى عينيه، على قرص الشمس، بينما الأخرى، على الأفق الممتد، بلا حدود، وقد أغراه الأمل، ودغدغ مشاعره، ليحوز الأرض كلها، فلم يكن يرضى بجزء منها، وبالتالي فقد أغمض عينه الأولى، مؤقتا، عن قرص الشمس، وراح يسابق الريح، لعله يبلغ آخر حدود الأرض، ثم يعود إلى حيث انطلق، قبل المغيب.
تقول الحكاية إنه بلغ آخر الحدود، ثم عاد مسرعا، ومنتشيا في الوقت نفسه، في اتجاه نقطة البدء، غير أنه، ويا للأسف، لم يلتفت إلى أن قرص الشمس لن ينتظره، وأنه سوف يغيب في موعده، وهو ما حدث بالفعل، حين غاب، بينما الفارس بينه وبين نقطة البداية أمتار!! فخسر كل شيء. كل شيء.. وكان في إمكانه، لو أراد، أن يحصل على الجزء الأكبر، لو أنه نحى الجشع، ومعه الطمع، جانبا، وقرر منذ البداية أن يحصل على المعقول، من الأرض، بدلا من أن يحاول أن يبتلعها كلها، ويلتهمها كلها، في قضمة واحدة، فتقف في زوره، أو في حلقه، ويكاد يهلك، وهو يحاول أن يبتلع شيئا فوق طاقته على الابتلاع.